فتـح مكـــة
السبب المباشر وراء الفتح:استمرت هدنة الحديبية نحو السبعة عشرأو الثمانية عشر شهراً، ثم نقضت قريشالهدنة حيث أعانت حلفاءها بني بكر ضدخزاعة حلفاء المسلمين على ماء الوتيرقريباً من مكة، فاستنصرت خزاعةبالمسلمين، وبذلك بطلت المعاهدة،وكان ذلك سبباً مباشراً لفتح مكةالتجهيزللفتح في الطريق إلى فتح مكة: أمرالرسول صلى الله عليه وسلم أصحابهبالتجهّز للغزو، ولم يعلمهم بوجهتهتكتماً لأمر الفتح، واستنفر القبائلالتي حول المدينة، وقد بلغ عدد جيشالمسلمين عشرة آلاف مقاتل، ولم يتخلفمن المهاجرين والأنصار أحد وقدخرج النبي صلى الله عليه وسلم منالمدينة في رمضان سنة ثمان للهجرة،واستخلف عليها أبا رهم كلثوم بن حصينالغفاري، وفي الطريق أسلم عدد منزعماء قريش منهم أبو سفيان بن الحارث- ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن أبي أمية- أخو أم سلمةأم المؤمنين رضي الله عنها - وكانالعباس بن عبد المطلب قد أسلم قبل فتحخيبر ولكنه لم يهاجر إلى المدينة. وفيمر الظهران عسكر المسلمون، وخفيتأخبارهم عن قريش حتى ظنت قريش أن هذاالجيش جيش خزاعة، وفي هذه الأثناءصحب العباس - عم الرسول صلى الله عليهوسلم - أبا سفيان ليقابل الرسول صلىالله عليه وسلم فدعاه الرسول صلىالله عليه وسلم إلى الإسلام فترددأبو سفيان وعاد في اليوم الثانيفأسلم، واستعرض أبو سفيان جيشالمسلمين وقوتهم ثم قال للعباس: لقدأصبح ملك بن أخيك اليوم عظيماً. فقالالعباس: ويحك يا أبا سفيان إنهاالنبوة، قال: فنِعمَ ذا. ومضى أبوسفيان إلى مكة فأخبر قريشاً بقوةالمسلمين ونهاهم عن المقاومة.إتمامالفتح: فيمر الظهران قرر النبي صلى الله عليهوسلم الزحف على مكة، فعين القادةوقسم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب،فكان خالد بن الوليد على الميمنة،وكان الزبير بن العوام على الميسرة،وأبو عبيدة على الرجالة (المشاة) وأما قريش فقد جمعت جموعاً من قبائلشتى ومن أتباعها لحرب المسلمين، فأمرالرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم،وأمر قادة جيشه ألا يقاتلوا إلا منيقاتلهم وأعلن الأمان للناس سوىأربعة من الرجال وامرأتين أباحدماءهمودخلت جيوش المسلمين حتى انتهت إلىالصفا في التاسع عشر من رمضان سنةثمان للهجرة، ودخل الرسول صلى اللهعليه وسلم مكة من أعلاها من جهة كداء،ودخل خالد بن الوليد من أسفلها،وكانت المقاومة يسيرة، وبلغ عددالشهداء ثلاثة، وعدد قتلى المشركينقريباً من أربعة ورين، ونادى رسولالله صلى الله عليه وسلم: (من دخل دارأبي سفيان فهو آمن) .وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم وقفالقتال عصر أول يوم من الفتح، وأصدرعفواً عاماً عن أهل مكة: (ما تظنون أنيفاعل بكم؟ فقالوا: خيراً أخ كريم وابنأخ كريم، فقال: لا تثريب عليكم، اليوميغفر الله لكم) رواه أبو عبيد. وفيرواية أحمد قال: (نصبر ولا نعاقب). هذاالعفو حفظ الأنفس من القتل أو السبيوأبقى الأموال والأراضي بيدأصحابها، وهذا خاص بمكة لقدسيتهاوحرمتها.تطهيرمكة من الشرك والأوثان : دخلرسول الله صلى الله عليه وسلم خاشعاًيقرأ سورة الفتح وهو على راحلته،وطاف بالكعبة، وبيّن حرمة مكة وأنهالا تغزى بعد الفتح، وأمر بتحطيمالأصنام وتطهير البيت الحرام منها،وكان عددها ستين وثلاثمائة منالأنصاب، وشارك في ذلك بيده الشريفة،وهو يقرأ: (وقل جاء الحق وزهق الباطلإن الباطل كان زهوقا) الإسراء/ 81. ومحاالصور التي كانت بالكعبة، ثم دخل صلىالله عليه وسلم فصلى ركعتين، وأعطىعثمان بن طلحة مفتاح الكعبة، وبعدتطهير الكعبة من مظاهر الوثنية، أمررسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بنالوليد فذهب إلى نخلة وهدم العزى (منآلهة المشركين)، وأرسل عمرو بن العاصفهدم سواعاً صنم هذيل، وأرسل سعد بنزيد الأشهلي إلى مناة (أحد الآلهة)فهدمها، وبذلك أزيلت مراكز الوثنية.ونتيجة لفتح مكة، تحول ثقل معسكرالشرك من قريش إلى قبيلتي هوازنوثقيف، اللتين سارعتا لملء الفراغوقيادة المشركين لحرب الإسلام،فكانت غزوة حنين وحصار الطائف.